ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي
"الطابور السادس" يبهر الجمهور ...
- يوسف البغلي ممثل خارج الصندوق محترف قاد كتيبة الممثلين بدرجة امتياز.
-نص فاطمة العامر ابصر النور بعد عشر سنوات على يد علي البلوشي
-سينوغرافيا بسيطة معبرة من دون مبالغة لم تخل من "الهنات"
تفوق فريق المخرج علي البلوشي وأثبتوا بأنهم يستحقون وقوف جمهور مهرجان الكويت المسرحي الحادي والعشرين احتراما لهم فالعشر دقائق من التصفيق كانت في محلها بعدما قدموا عرضا مسرحيا مبهرا نالوا عليه الدرجة الكاملة من الحضور ويبقى الفصل عند لجنة التحكيم،"الطابور السادس" الذي ولد قبل عشرة اعوام وظل حبيسا في الأدراج كل عام تأخذ مؤلفته الكاتبة فاطمة العامر مشرطها وتقوم بجراحات طفيفة حتى بلغ ذروة عافيته نصا متكاملا جميلا تلقفه المخرج علي البلوشي وشارك فيه كوكبة من الممثلين الرائعين.
لماذا "الطابور السادس" سؤال كان يتردد بقوة على لسان المتلقي فنحن اعتدنا وجود الطابور الخامس ،طابور الفساد والسرقات والتآمر وسرقة الشعب والدين وكل شيئ،في "طابور " فاطمة العامر عرفنا نحن كبشر بأننا مزيج من الانس والدمى ،فمنا من هو خائن الشعب ومن هو خائن الدين وبيننا خائن الصديق وخائن الألم ،شخوص المخرج علي البلوشي كانوا دمى بوجوه كريهة مقيتة تعكس سواد ما في قلوبهم من ماض سحيق ومقرب خلقا وأخلاقا،في لحظة الاعتراف كشف كل من ادوارد وصوفي وجون وباولو عن حقيقة كل نفس منهم فهم خلاصة القبح والخيانة وهم رموز الكراهية والحقد والتزوير شهد الكلب "بامسي" على كافة تصرفاتهم ولو كان لسانه ينطق لنطق بهول ما فعلوه فهم لم يكونوا سوى بشر في هيئة دمى ودمى تخفي بشر.
في "الطابور السادس" كنا أمام نص سلس صاغه قلم ناضج ومدرك لابعاد ما تذهب به النفس البشرية من سوداوية وحقد وايضا كنا برفقة مخرج فاهم واع لكل جملة وسطر وحوار ، ثنائي جميل تحمل مسؤلية اختيار عناصر متناسقة متناغمة وفاهمة ومستوعبة لكل التفاصيل فظهر امامنا عملا متكاملا جميلا من دون تصنع ،مسرح حقيقي اعتمد في في المقام الاول على الامكانيات الجبارة التي يمتلكها عنصر التمثيل الذي قادهم باحترافية مطلقة قناص جوائز المهرجانات يوسف البغلي الذي يثبت في كل مرة بأنه ممثل من خارج الصندوق،ممثل بقدرات هائلة حقيقية وجوده يمنح كل مخرج لفعل ما يريد ،يوسف البغلي في " الطابور السادس" كان بأدائه بصلابة جبال الهملايا وقمة ايفريست الاعلى في العالم،ممثل محترف "حريف" قاد كتيبة من الممثلين ،هذه القيادية من البغلي منحت زملائه فرصا مواتية لمشاغبته فوق خشبة المسرح فكان طبيعيا أن يحتدم صراع المنافسة تمثيلا فأخرج كل من " ،سالي فراج"صوفي" ،عبدالله الحمود"باولو" ،محمد الشطي"جون" وماجد البلوشي"الكلب" ما في جعبتهم فأدوا المهام الملقاة على عواتقهم بشكل جيد وسليم ومحترف فكانوا أهلا لكل جملة وشعور واحساس انتابهم في ذروة الاداء فكنا نتساءل لمن ستكون الغلبة بينهم.
السينوغرافيا التي وقفت ورائها د.منى التميمي تصميما واسماء العيسى تتفيذا كانت في محلها من ناحية تنفيذ الديكور بدرجة محترفة خصوصا اختيار الاكسسوارات لم يكن مقحما بل بدلالات واضحة وتم توظيفه بشكل جيد ومناسب.
بلا شك لم يخل "الطابور السادس" من وجود بعض الهنات وهي طبيعية قياسا مع نص بهذا المستوى حيث لم يوفق الممثل عبدالله الحمود الذي جسد شخصية باولو من اخفاء وجهه بشكل جيد خلف وجه الدمية فكان واضحا امام الجمهور على عكس باقي الممثلين خصوصا البغلي وسالي وبعدهما الشطي ،كذلك نجح المخرج في اختيار موسيقات جيدة وإن طغى على استخدامها في بعض التوقيتات على اصوات الممثلين الذي لم يسمع حوارهم وكان لزاما على المخرج ان يلتفت لذلك لأنه حدث اكثر من مرة ، الاضاء التي يقف ورائها المهندس فاضل النصار تم توظيفها بشكل سليم وكانت لغة جميلة معبرة عن الحالة والموقف ويحسب لمهندس الاضاءة دقته ومحاكاته للحدث فوق الخشبة.