من أهم مسابقات القاهرة السينمائي
"7" أفلام تتنافس بقوة على جوائز "أسبوع النقاد الدولي"
- تتميز برؤية تجريبية وجرأة إفطارها وبعضها نال جوائز المهرجانات الدولية الكبرى
- تمثل أربع قارات لتحقيق التنوع الذي يحرص عليه المهرجان
- الفيلم الفلسطيني/ السوري "الغريب" يمثل السينما العربية في المسابقة
"القاهرة"- "بريق الدانة"- أحمد الجندي:
تأتي مسابقة "أسبوع النقاد" في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد "المسابقة الرسمية" أو المسابقة الدولية.. وتكتسب هذه المسابقة أهميتها وقيمتها للأفكار الجديدة والرؤى السينمائية المختلفة والطازجة – دائما- لأفلامها التي تتنافس على جوائزها وذلك لان غالبية أو- كل- هذه الأفلام- دائما- ما تكون التجربة الأولى أو الثانية لمخرجيها وهم- في اغلب الأحوال- من الشباب الذين يجربون بأفكارهم الحديثة والمختلفة على شاشة السينما
وفي الدورة الحالية الـ43 لمهرجان القاهرة والتي تستمر فعالياتها حتى 5ديسمبر تتنافس 7 أفلام على جوائز مسابقة أسبوع النقاد الدولي وجميع هذه الأفلام عرض أول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. وتمثل دول عديدة وكانت إدارة المهرجان موفقة في اختيارها حيث تمثل أربع قارات لتحقيق التنوع الذي يحرص عليه المهرجان سنويا كما أن هذه الأفلام الـ7 سبق لها المنافسة على جوائز المهرجانات الدولية الكبرى هذا العام والتي نال بعضها جوائز هذه المهرجانات بالفعل وهو ما سيجعل المنافسة بينها في مهرجان القاهرة قوية وشرسة
ونستعرض سريعاً هذه الأفلام وفي مقدمتها فيلم أمبارو Amparoإخراج: سيمون ميسا سوتو إنتاج مشترك كولومبيا، السويد، ألمانيا.. خلال أحداث هذا العمل الذي شارك في أسبوع النقاد الدولي بمهرجان "كان" هذا العام، تسابق الأم "أمبارو" الزمن وحدها لتحرير نجلها المراهق، عندما تعرف أن الجيش الكولومبي جنّده بالقوة وعلى وشك إرساله لأخطر جبهات الحرب الأهلية، وتتحول عملية الإنقاذ إلى صراع من أجل بقاء أسرتها.
وتعني "أمبارو" بالإسبانية "حماية" أو "ملجأ"، وهو ما تقوم به الأم دائما، لكنها هنا تنتفض لإنقاذ فلذة كبدها وسط النيران بالمعنى الحرفي للكلمة.
ففي هذا الفيلم، الأمر أعمق من تصوير ويلات الحرب، وأعمق من الحسابات السياسية والعسكرية، وأعمق حتى من إبراز فاتورة الحرب التي يدفعها المدنيون من أمهات ثكلى وأطفال أيتام، إذ أن الأمر يتعلق بالنفس البشرية ذاتها، ومواجهتها المباشرة مع آلة الحرب الجبارة، وبالروح ضد من يصر على أن يجعلها وقودا لجنونه.
أما الفيلم الثاني فهو قلب الغابة المظلم Dark heart of the forestإخراج سيرج ميرزابيكيانتز إنتاج مشترك بلجيكا، فرنسا ...خلال أحداث الفيلم، يعيش "نيكولاي" الذي يبلغ من العمر16عاما، بين مؤسسة الرعاية الاجتماعية وبيوت الأسر البديلة مطاردا بذكريات طفولته كلقيط، وعندما يقابل "كاميل" ذات الـ15 عاما، يقنعها بالهرب معه إلى الغابة لتكوين الأسرة التي يحلم بها.
فيلم يحمل روحا "برية" مختلفة تشبه روحي بطليه الصغيرين اللذين يبدوان متمردين، لكنهما في الحقيقة كائنان بائسان يبحثان عن الحب وعن الدفء الأسري الذي حُرما منه، وتشبه كذلك الغابة التي لجأ إليها المراهقان، والتي تُعد -في استيعابها لهما- "أُمّا بديلة" تعوض كلا منهما عن الأم التي فقدها.
العمل مؤثر، يفضح برودة المشاعر والخلل الاجتماعي في المجتمعات الغربية رغم ما يظهر على السطح رسميا من رعاية للفئات المنبوذة.
وثالث الأفلام المدني La Civilإخراج: تيودورا ميهاي.. "المكسيك، بلجيكا، رومانيا".. تدور الأحداث في شمال المكسيك، حيث يتم اختطاف فتاة مراهقة، ويطلب الخاطفون فدية كبيرة من أهلها. ورغم سداد الفدية، يتراجع الخاطفون عن إعادتها، وترفض السلطات المساعدة، فتأخذ أمها على عاتقها مهمة العثور عليها.
ونال الفيلم قد استحق "جائزة الشجاعة" من قسم "نظرة ما" الرسمي بمهرجان "كان" السينمائي 2021 لأنه يقتحم بجرأة منطقة شائكة تسودها الفوضى وتسيطر عليها شبكة عنكبوتية من العصابات بشمال المكسيك.
يرصد العمل بمهارة ولغة سينمائية قوية تحول أم عادية مسالمة إلى مقاتلة لكي تستعيد ابنتها المخطوفة. في مجتمع أصابته أعمال العنف بالشلل، وجعلت الأحياء فيه يبدون ويعيشون مثل الأموات.
ويأتي الفيلم الرابع ليمثل السينما العربية وهو: الغريب The stranger إخراج: أمير فخر الدين.. إنتاج مشترك بين سوريا، فلسطين، ألمانيا..
تدور أحداث الفيلم في الجولان المحتلة، حيث يعيش "عدنان"، الطبيب السابق، محاطا بالأزمات مع والده، الذي يقرر حرمانه من الميراث، وأهل زوجته، بعد أن تحول إلى سكير، وتتطور الأمور بعد أن يقابل جنديا من جرحى الحرب في بلاده.
لا يحمل الفيلم فقط عنوان رواية ألبير كامو الشهيرة، لكنه يغوص مثلها في أعماق رجل يعيش أزمة وجودية بعد أحاط به العبث من كل اتجاه مثل حياته الشخصية التي تنهار، وعلاقته الشائكة بوالده، والأزمة العامة التي يعاني منها الجميع في بلدته الواقعة تحت الاحتلال وشارك في مهرجان فينيسيا الأخير واختارته فلسطين ليمثلها في مسابقة أوسكار أفضل فيلم دولي، للضباب في كثير من المشاهد.
أما فيلم جذور برية Wild Rootsإخراج: هايني كيس... من المجر، سلوفاكيا... تتناول أحداث الفيلم قصة فتاة في الثانية عشرة من عمرها، تتمرد على حياتها مع جدتها وتبحث عن والدها حتى تعثر عليه خارجا لتوه من السجن ويعمل حارسا "عنيفا" في ملهى ليلي.. فهل تنجح علاقتهما رغم كل المصاعب؟
هذا الفيلم، الذي شارك في مسابقة شرق الغرب بمهرجان كارلوفي فاري، صغير من حيث الميزانية لكن كبير القلب والمشاعر، يغوص بمهارة، وبلغة سينمائية قوية ورقيقة في آن واحد، في علاقة شائكة بين أب وابنته تبدو المسافة بينهما في البداية كبيرة، لكننا نكتشف بعد قليل أنهما لا يختلفان عن بعضهما البعض
ومن رومانيا قمر أزرق Blue Moonإخراج: ألينا جريجوري.. أحداث الفيلم تتناول دراما أسرية قوية، تمكنت من الفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان سان سباستيان السينمائي في سبتمبر الماضي، من خلال الغوص في مشاعر "إيرينا"، الفتاة التي تحلم بإتمام دراستها العليا في عاصمة بلادها بوخارست لكنها تصطدم بأسرتها العنيفة المتسلطة التي تريدها أن تلتحق بأبيها في لندن. وتجد "إيرينا"، في علاقة جنسية غامضة مع أحد الفنانين، الحافز لكي تواجه عنف أسرتها.
الفيلم ينتمي إلى "سينما المرأة" التي تعبر بدقة عن مشاعرها وتطرح قضاياها، لكنه قبل ذلك ينتمي إلى "سينما المؤلف"، حيث تقوم ألينا جريجوري، بإخراج السيناريو الذي كتبته عن قصتها في فيلمها الأول كمخرجة بعد عشر سنوات من العمل كممثلة.
والفيلم السابع والأخير فيرا تحلم بالبحر Vera dreams of the sea إخراج: كالترينا كراسنيكي.. من كوسوفو، ألبانيا، مقدونيا.. وتدور أحداثه عن الإنسان العادي، ذو الأحلام البسيطة، عندما يصطدم بواقع مادي قاس لا يعرف العواطف، وعن المرأة التي تبحث عن أبسط حقوقها لكنها تضطر لمواجهة مجتمع ذكوري متسلط لكي تحصل عليها، حيث تكتشف "فيرا"، مترجمة لغة الإشارة، بعد انتحار زوجها، أنه قام برهن بيتهما في لعبة قمار، وأن حادث انتحاره مرتبط بفضيحة يتورط فيها عدد من "الكبار". أحداث العمل دراما تبدو بسيطة لكنها شديدة العمق، استحقت الفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان طوكيو السينمائي الدولي الأخير.