وفق دراسة علمية عن " كورونا" شارك فيها فئات مختلفة
د. ملك الرشيد: " كوفيد19" صحوة على العادات والسلوكيات الخاطئة
- الجائحة مست أبسط أمور حياتنا وأكثرها تعقيدا وهي النظرة إلى طبيعتنا اليومية
- لا يزال العديد من الأفراد مترددين في الإنصياع لقواعد الحماية الشخصية والمجتمعية.
"بريق الدانة" –خاص:
كان لجائحة كورونا الكثير من الدروس المستفادة بالنسبة لعامة البشر خصوصاً على صعيد التنظيف والتعقيم والإهتمام بصحة الإنسان وسلوكه، كوفيد19 يعتبر بمثابة صحوة على العادات والسلوكيات الخاطئة لكن في المقابل ربما تسبب بالكثير الخوف الزائد أو المبالغ فيه، نقاط كثيرة تم طرحها على الدكتورة ملك الرشيد أستاذ العمل الإجتماعي الأكلينيكي في كلية العلوم الإجتماعية في جامعة الكويت.
- دكتورة هل فعلاً سيكون لما بعد جائحة كورونا أثار سلبية على البعض؟
حقيقة من الإيجابيات في جائحة كورونا أنها مست أبسط أمور حياتنا وأكثرها تعقيداً وهي النظرة إلى حياتنا اليومية وطبيعتها، للأسف الجائحة كانت بمثابة الصدمة وأخذتنا على حين غرة ، هزت بنا شعور الأمن الذي لم يكن حقيقياً أو واقعياً، كوفيد 19 بمثابة جرس إنذار " نقلنا من حال إلى حال، أتذكر مع بداية تفشي الوباء في جمهورية الصين كنت أتبادل النقاش مع طلبتي في جامعة الكويت وكأن الأمر لا يعنينا البتة، إلى درجة تركز النقاش في أسباب انتشاره في الصين وإذا ما كان الخفاش أحد المتهمين ، وفجأة وجدنا أنفسنا بذرة في هذه التربة الخصبة للعالم أجمع، وجدنا أنفسنا جزءا من القصة العالمية ، كما أن الفترة الزمنية الطويلة كان لها الأثر السلبي بالنسبة لنا ، خصوصا أن حياتنا كمجتمعات عربية كانت تعتمد على تواصلنا الإجتماعي على عكس ما فرضته الجائحة من ضرورة التباعد الإجتماعي، ناهيك عن التدابير الإحترازية الأخرى التي فرضتها الجائحة من تعطيل الأعمال والحجر المنزلي، عزاؤنا الوحيد كان في وجود التكنولوجيا الحديثة ومنصات التواصل الإجتماعي والفيديو كول وغيرها من التطبيقات، في علم النفس يوجد ما يعرف بالمرونة النفسية التي تحدد مدى نسبة تأثر الأفراد بالجائحة ، يوجد فئة لم تشعر بأي تأثير للجائحة سلبيا على عكس آخرين خصوصا الذين كان يتملكهم في حياتهم الشعور بالخوف هؤلاء الأكثر تأثرا.

إنتهيت قبل فترة من نشر دراسة علمية حول السلوك الوقائي ضد كوفيد 19 وهي دراسة تم قبول نشرها في إحدى المجلات الأميركية العالمية المحكمة بداية نتوقف كيف جاءت الفكرة ؟
مع بداية ظهور أزمة كورونا المستجد دوليا وتبعاتها محليا، وبمتابعة جميع ما يتعلق بمستجدات المرض وكيفية انتشار العدوى، حاولت الابتعاد عن فوضى المعلومات الطبية المتباينة دوما والمتناقضة أحيانا سواء حول مسببات المرض أو سبل العلاج والوقاية الدوائية، إلى النظر للجائحة من خلال عدسة إجتماعية نفسية سلوكية هي الأكثر واقعية ومنطقية كما أراها،
COVID-19 هو مرض معد مرتبط بالسلوك بالدرجة الأولى حيث تؤكد البيانات المستمدة من الدراسات الوبائية والفيروسية المنشورة دليلًا على أن COVID-19 ينتقل بشكل رئيسي من الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض إلى الآخرين الذين هم على إتصال وثيق بهم سواء من خلال الرذاذ التنفسي أو الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين أو عن طريق الإتصال بالأشياء والأسطح الملوثة. بمعنى أنه يمكننا تقليل فرص الإصابة أو إنتشار المرض من خلال إتخاذ إحتياطات معينة وإتباع سلوكيات وقائية محددة ، لذا، فإنه من الواجب تذكير الأفراد مرارًا وتكرارًا بأن كما أن لديهم حقوقًا وحرية تصرف كأفراد فإن لديهم أيضًا مسؤولية اجتماعية، لأن هناك عواقب لتصرفات الأفراد تؤثر فيمن هم ضمن شبكاتهم الاجتماعية وفي المجتمع ككل. فعدم الامتثال للتغييرات السلوكية الموصى بها إنما يدل على عدم تبني عقلية أخلاقية جماعية من قبل تلك المجموعة.
حدثينا عن أهداف الدراسة؟
هدفت الدراسة إلى الكشف عن العلاقة بين نية الأفراد للإلتزام بالسلوكيات الوقائية ضد COVID-19، وبين مدى ثقتهم بالحكومة، والعوامل الإجتماعية الديموغرافية لدى أفراد المجتمع في الكويت، تأتي أهمية هذه الدراسة من حقيقة أنه على الرغم من تحذيرات وتوصيات منظمة الصحة العالمية ومسؤولي الصحة المحليين حول السلوكيات الشخصية، وإرتفاع معدلات الإصابة والوفيات للمرض محليًا وعالميًا ، لا يزال العديد من الأفراد مترددين في الإنصياع لقواعد الحماية الشخصية والمجتمعية، مما يضيف لصعوبة مواجهة الوباء وتهديد نجاح خطط الحد منه والسيطرة على إنتشاره في المجتمع. وعليه فإن إدراك عوامل تحفيز المواطنين على الإلتزام بالتوصيات الصحية سيساعد على في رسم الخطط الوطنية الناجحة للتعامل مع هذه الأزمة ومثيلاتها في المستقبل.

ماذا عن النتيجة التي خلصت إليها الدراسة؟
شملت الدراسة استبيانا شارك فيه 679 عبر الإنترنت ، وأشارت نتائج الدراسة التي قبلت مؤخرا للنشر بإحدى المجلات الأمريكية العالمية المحكمة إلى أن درجات الثقة في الحكومة في بداية أشهر أزمة كورونا وخلال فترة جمع بيانات الدراسة "مارس-إبريل 2020" كانت مرتفعة لدى الغالبية العظمى من المشاركين بالدراسة، سواء الثقة في البيانات والمعلومات المرتبطة بالجائحة والتي وفرتها الحكومة عن طريق جهاتها الرسمية ، أو بإجراءات الحكومة في التعامل مع الوباء ، وبينت النتائج بأنه كلما زاد شعور الأفراد بخطر الإصابة بالعدوى وبعدم القدرة والضعف أمام تهديد الإصابة بالعدوى، كلما دفعهم ذلك للإلتزام بشكل أكبر بالتعليمات الصحية الخاصة بسلوكيات إرتداء الكمام والقفازات والحفاظ على التباعد الجسدي وتحاشي الأماكن المزدحمة وتقليص الخروج من المنزل إلا للضرورة ، أما الأفراد الذين يعتقدون بأن هناك مكاسب من وراء عدم الإلتزام بالتعليمات الصحية السلوكية، كمكاسب توفير قيمة مواد التعقيم وأدوات الحماية الشخصية كالكمامات والقفازات، أو مكاسب الشعور بالسعادة لكسر الحظر للتواصل مع الأهل والأصدقاء، فهم أقل التزاما بسلوكيات الحماية وأكثر تحديا لتعليمات السلامة والمسؤولية المجتمعية. أما النتيجة الأبرز للدراسة فكانت إثبات الإرتباط القوي بين شعور الأفراد بالثقة بالحكومة وبين نية إلتزامهم بتعليمات وإجراءات وسلوكيات الحماية والوقاية. فحينما يثق المواطن بأن حكومته وممثليها يضعون مصلحته العليا فوق كل إعتبار، ويتعاملون معه بشفافية وموضوعية كشريك فاعل لا عضو سلبي في منظومة الحفاظ على أمن الوطن وسلامة قاطنيه، يزداد لدى المواطن الشعور بالمسؤولية وتتجلى روح التعاون والإلتزام بكل ما من شأنه الحفاظ على سلامته وسلامة الآخرين من حوله.