بعد أن أصبح التعايش مع كورونا واقعاً
العلاقات الأسرية بين البناء والتأزم 
"القاهرة"- "بريق الدانة"- هايدي فاروق:
أصبح التعايش مع كورونا الضيف الثقيل ضرورة فرضها الفيروس المستجد الذي فشل العلماء في أيجاد لقاح أو مصل له حتى الآن فباتت العزلة واقع مفروض على العالم جميعاً وأصبح التباعد الاجتماعي بين الأسر وبعضها فرض وعاش العالم أجواء من الاكتئاب والوحدة بعد غلق المطارات وتوقف الحياة واقتصار الخروج على الحالات الطارئة فقط.
ولكن دائما في أخر النفق هناك شعاع من النور قد يكون خافتا لكنها إشارة لابد من إتباعها .. فالتباعد الاجتماعي الذي يعيشه الملايين حول العالم وفرضته التدابير الاحترازية المتخذة من قبل الدول للحد من انتشار الفيروس قد أصبح فرصة لتعزيز التقارب الأسري الذي قد يفتقده الكثيرون في ظل ضغوط الحياة وروتين العمل اليومي ليصبح المنزل الملاذ الآمن لتجمع أفراد الأسرة.
لكن كيف لنا أن نقضى أوقاتنا في المنزل؟ وكيف لنا أن نتعايش مع الكورونا كأسرة وعائلة؟ هل يمكن أن يعيد الحجر المنزلي وهج العلاقات بين الأزواج من جديد؟ أم انه ساهم في زيادة تأزم العلاقة ؟
هل يمكن أن يفتح للآباء طاقات أمل جديدة مع أبنائهم بعد أن أصبح لديهم الكثير من الوقت لقضائه معا ؟ هل من الضروري أن نبدأ في زيارات أسرية مع اتخاذ كافه الإجراءات الاحترازية ؟
كبار السن الجد والجدة كيف نحل معضلة الخوف عليهم وفي نفس الوقت زيارتهم وما أثر الحجر المنزلي عليهم ؟
هل يمكن اعتبار الحجر المنزلي فرصة لإعادة العلاقات بشكل أفضل بين أفراد الأسرة ؟
سألنا الدكتورة رحاب العوضي أستاذ علم النفس السلوكي قالت: قضاء الأوقات بالمنزل ليس بالصعوبة التي وصفها البعض ..الأصل بالإنسان أن يكون سعيداً لمكوثه فترة أطول مع أسرته إن كانوا أخوته أو زوجته.
يمكننا تعلم الرسم أو حفظ القرآن أو تلوين الحوائط المنزلية يقوم بها أفراد الأسرة معا.. وكذلك محاولة شغل الوقت بالرسم والتطريز ومحاولة تعلم لغة جديدة وممارسة الرياضة الخفيفة بالبيت ومشاهدة البرامج المختلفة والمسلسلات التي ساهمت كثير من المواقع في عرضها بلا مقابل مادي.

الاغتراب النفسي
وعن سبل التعايش مع كورونا أوضحت : التعايش مع كورونا شيء سهل حيث لا يتطلب إلا الحرص واتخاذ الإجراءات الاحترازية مثل غسل اليدين واستخدام الكحول وتباعد بدني بعض الشيء وليس التباعد النفسي تحت مظلة الخوف من الكورونا وبالطبع وسط التكنولوجيا الحديثة والبرامج الهاتفية المختلفة التي تسهل الصوت والصورة و تقلل الاغتراب النفسي.
وعن الزيارات المنزلية قالت :
الزيارات المنزلية بالأصل نقوم بها لزيادة الود والمحبة وليس أداء واجب كما نرى لدى البعض وللأسف أجدني مضطرة للقول أن الأسرة هم الأب والام وهم غالبا من كبار السن ويحتاجون للرعاية والزيارات من الأبناء فلا نجد حلا إلا الزيارات لهم مع الحرص على اتخاذ الإجراءات الاحترازية وعدم التساهل وخاصة إن كان الأبناء يعملوا ويخرجون للشارع.
وأيضاً سألناها عن كبار السن وسبل العناية بهم وتأثرهم بالحجر المنزلي ؟
فأجابت: نفسية الجد والجدة تتأثر جدا بالغياب عنهم حتى وأن اظهروا عكس ذلك حتى لا تتأثر حياه أولادهم وأحفادهم والحل زيارتهم مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة والعمل على زيادة مستوى مناعتهم والاهتمام الصحي بهم..
العلاقات الزوجية
وعن تأثر الحياة الزوجية بالحجر المنزلي أضافت العوضي سيزيد من وهج العلاقات الزوجية لمن يرغب بحياته الزوجية سيزداد حبًا ورغبة وسعادة وسيجد فتره الحظر منحة وفائدة ومن يحب زوجته ويهتم بأولاده وبتفاصيل حياتهم وكذلك الزوجة أما إذا كانت علاقتهما أصلا فاسدة ومضطربة ستزداد المشاكل ويتأثر أولادهم سلبا للأسف وسيلقيان الاتهامات على الكورونا.

وتوجهنا لها بسؤال آخر: هل يمكن أن يكون الحجر المنزلي فرصه لإعادة العلاقات بين أفراد الأسرة؟
فأجابت: طبعا يمكن الحظر المنزلي أو وقت الأسرة كما أحب أن اسميه.. يمكن لهذه الفترة أن تكون فتره مراجعه ومكاشفه للنفس فتره مصارحة لإطراف الأسرة والعمل على تصحيح المسار النفسي والمجتمعي بين الأسرة الواحدة والعمل على تغيير وتعديل العيوب التي قد تكون سببت تباعد نفسي
وانصح في هذه الفترة بمراجعة النفس والوقوف عند الأخطاء الذاتية وأخطاء الآخرين مع محاولة تجاوزها والبناء الإيجابي أي التركيز على ما هو إيجابي في الشخص الأخر مع الاستعانة بالمختصين لمن يصعب عليه ذلك .
حيث أن فرصة الحجر المنزلي فترة ملائمة لمراجعة سلوك الأبناء والمشاركة معهم في أنشطة منزلية واكتشاف ميولهم والتركيز على ما لم يتم التركيز عليه معهم قبل ذلك بسبب ضيق الوقت والعمل خارج المنزل ..ويجب على الوالدين العمل على إيجاد السُبل المختلفة
اكتئاب كورورنا
كيف نتجاوز اكتئاب الحجر المنزلي ؟
تخوف الكثير من المتخصصين بعلم النفس من إصابة البعض بأعراض مرضية نفسية مثل القلق والاكتئاب والعصبية الزائدة ولكن يمكننا التغلب على هذه الأعراض بالتمسك بالأمل وأنها أزمة وستمر بالتكاتف والحب والاستماع الجيد لتوجهات الطب واتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية من الصحية والصحيحة.
