" كالابريا ".... سحر الشواطئ الإيطالية Calabria – Italy
- تضم كالابريا الإيطالية أجمل شواطئ العالم .وما يثير الدهشة هو هذا الترابط والألفة الحميمية مع البحر وكائناته.
- ثمة أمرين تتعلمهما فورا،ما أن تطأ قدماك أرض كالابريا .الأول هو أن تكون صبورا .فخمس عشرة دقيقة تعني"ساعة" وخمسة كيلو مترا تعني 25 كم بينما أي عمل مخطط إنجازه اليوم ربما يتم لاحقا بعد شهر.أما الأمر الثاني والأكثر أهمية فهو عدم تناول أي وجبة خفيفة ما بين الوجبات الرئيسية .ورغم أنك ستجد "الإغراءات "في كل مكان حيث يبدو من المستحيل أن تسير خطوتين دون أن تصادف بعض الأطباق التي لا تقاوم .أما الاستسلام فيعني زيادة بعض الأرطال على وزنك .
ثلاثة كيلو مترات فقط من المياه تفصل صقلية عن كالابريا (التي يطلق عليها الإصبع الأكبر من القدم الايطالية )حيث تقع ما بين بحرين تركوازيين :التيراني غربا وبحر لونيا شرقا .وتمتد سواحلها لمسافة 800 كيلومتر لتضم مدخلا جبليا شاهقا مليئا بغابات الصنوبر والبلوط وسهولا شاسعة ومتنزهات قومية خضراء. وعلى ضوء هذا الجمال الطبيعي الوافر يبدو من غير المعقول أن يقصدها السياح بأعداد قليلة مثلما هي الحال الآن.
تكمن المشكلة في سمعة كالابريا من حيث الفقر السائد وعدم خضوعها لسيطرة القانون .وحتى في الوقت الراهن ..رغم أن دخل الفرد أصبح مقاربا لمتوسط الدخل الأوروبي وانعزال أنشطة المافيا عن حياة السكان المحليين والزوار إلا أن الصورة الخاطئة للجزيرة لا تزال مهيمنة.

ولعل أكثر ما يجتذب الأنظار هي الشواطئ الخلابة التي تضم عددا من الخلجان وقرى الصيادين .أما مدينة "بيزو"فهي مقر مجموعة من المباني السكنية الملونة التي تطل على خليج سانت يوفيميا.وهي مشهورة بحلوياتها مثل (الترتوفو) الذي يتكون من الشوكولاتة المحشوة بالبندق وتغطيها طبقة من الآيسكريم.كما تعرف( بيزو) أيضا بصناعة السمك المقدد التي تهيمن عليها النساء منذ عدة أجيال. ..إحداهن تقول: بالنظر إلى انشغال الرجال بالصيد فإننا نقضي أوقاتنا في هذه الأنشطة علاوة على زراعة المحاصيل وبيعها.
في القرن السادس عشر كانت المنطقة خاضعة للإغريق .ومن بعدهم جاء الرومان .وعلى ما يبدو أن إخفاقهم فتح المجال لتعاقب العديد من الشعوب الاستعمارية كالبيزنطيين ،الإسبان ،العرب والبوربون .وكلهم تركوا بصمة على الجانب المعماري واللغة والمطبخ .
هذا ..ويستغرق الوصول إلى تروبيا (لؤلؤة الساحل التيراني) حوالى نصف الساعة ,وهنا .. لا بد أن تستكشف الشوارع الضيقة الأثرية للبلدة قبل أن تتوجه إلى مطعم (بيم) الذي يقدم الأطباق الكاريبية التقليدية بالفلفل الحريف .وربما تود أن تتذوق طبق (الأنتيباستو) المكون من العجة والسلامي مع البصل الحلو ،أو جرب طبق الفايليا المكون من كرات المعكرونة بالطماطم والفاصوليا البيضاء.
وإلى الجنوب هناك ما يسمى بالشاطئ البنفسجي بالنظر إلى لون البحر عند الغروب.وما يشد الانتباه هنا قرية (سيليا) بمناظرها الرائعة .أما في حافة الحذاء الإيطالي الشهير فهناك مدينة (ريغيو) ذات الكثافة السكانية التي تطل على مياه صقلية. ولطالما كانت (ريغيو) تعتبر مجرد بوابة إلا أنها مدينة سياحية جديرة بالزيارة حيث تجمع بين ثناياها مزيجا من الأنشطة الثقافية ومنظرا بحريا مدهشا وبالطبع أطعمة شهية .ولعل أكثر ما يميز ريغيو أنها تنتج شرابا حمضيا لذيذا يتكون من كوكتيل الليمون والبرتقال بشذاه العطري الفواح. ورغم أنه يعرف في الخارج كعنصر النكهة في تركيبة شاي (إيرل غراي) إلا أنه هنا يدخل في كل ما يمكن أن تتخيل:الحلويات ،المشروبات،العسل بأنواعه،الصلصات والمربى.

ومن الواضح أن المطبخ في كالابريا يحمل أصداء صقلية حيث التركيز على النكهات الحلوة والحامضة أكثر من مذاق التوابل .هذا إضافة إلى وفرة استعمال الفستق ،اللوز ،الباذنجان وجبنة ريكوتا.وإذا ما سألت أحدهم هنا عن أشهى الأطباق الكالابرية فسوف يدلك في الحال نحو خارج البلدة إلى مطعم سان جيوفاني الراقي أو مطعم آخر متواضع هو "أنتيكا أوستريا" حيث تستقبلك أسرة كامينيتي التي اشتهرت بسخائها وولعها بأصناف الطعام منذ 300 عام .ومن بين الوجبات التقليدية معكرونة تشافيتوني وهي عبارة عن مربعات بحجم راحة اليد مليئة بمزيج من صلصة الطماطم والشمار وجبنة ريكوتا .أما طبق الحلو فيتكون من كريما الليمون بنكهتها الرائعة .
وحين تتجه شمالا يتغير المنظر الطبيعي حيث المنحدرات الشاهقة تفسح المجال أما السهول الساحلية المنبسطة التي تغطيها غابات الصنوبر والكروم .ولا تزال بصمة الإغريق واضحة حتى اليوم في الآثار الممتدة على طول الساحل منها موقع (سيباري) الشهير حيث توجد المباني الإغريقية واليونانية إحداها فوق الأخرى .وعلى مقربة منها هناك مزيج مدهش يتألف من فندق ومطعم ومزرعة يطلق عليه (أغريتوريسمو) تحيط بها أشجار الزيتون والحمضيات .