سمر علي الرشيد البدر، فنانة تشكيلية كويتية، عضو الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية والجمعية الأميركية لفناني البورتريه، صقلت موهبتها الفنية من خلال متابعتها دراسات حرة في الفن التشكيلي في الكويت وإنكلترا وإيطاليا وشاركت في الكثير من المعارض. يطغى الشرق بشكل كبير على أعمالها التي تحمل روح التفاؤل والأمل. أقامت مؤخراً معرض "مدن عريقة في زمن التغيير" اشتمل على الألوان والخطوط والرموز والعناصر التي تحمل روحاً شرقية لإيجاد مساحة نتعايش فيها بسلام مع الآخر. نتعرف إليها في اللقاء التالي:
أقمت الشهر الماضي معرضاً يحمل اسم "مدن عريقة في زمن التغيير"، من أين استوحيت فكرته والهدف من إقامته؟
منذ بداية مشواري الفني، كان للشرق بمعناه الكبير ورموزه وعناصره الغنية غير المحدودة، مثل الخط العربي، الأواني القديمة، السجاد، الملابس، الزخارف، الأثاث المنزلي والبيوت العريقة وقفات وتأملات في أعمالي التشكيلية. هذا الشرق العتيد والذي يمر بحالة عدم استقرار بات يؤثر في حياتنا اليومية وفي ظل أحداث مؤلمة للبشر من القتل والتشريد والرعب والهروب إلى المجهول وما تتعرض له الآثار من نهب وسلب وتدمير في مناطق متفرقة بالشرق، لذلك جعلت من لوحتي مساحة وكأنها مدينة صغيرة أو قرية أو حارة أو حتى بيت صغير، بما تحويه هذه المساحات من اختلافات بالآراء والطموحات والأحلام وتنوع التكتلات والعلاقات، إلا أنه في نهاية الأمر نحن مجتمع واحد ونعيش في هذه البقعة من الأرض، لذلك كان لزاماً علينا أن نجد مساحة نتعايش فيها بسلام مع الآخر، نستمع له، نتفاهم معه ونتقبله كما هو ويكمل أحدنا نقص الآخر ليعم الأمن والسلام ونستطيع نشر المحبة والسلام. من هنا جاءت أعمالي الأخيرة بهذا الزخم والألوان والخطوط والرموز والعناصر التي تحمل روحاً شرقية في طياتها في محاولة مني أن أجد علاقات تربطهم لتكون سلسلة من أعمال فنية آمل أن تروها جميلة بما تحمله من معاني جاءت لتقول للعالم:"نحن مدن عريقة رغم التغيير".]
ماذا عن لوحة "الياسمين المفقود" التي تضمنها المعرض؟
كانت المناطق الأثرية الأكثر تعرضاً للضرر والدمار جراء الأحداث التي شهدتها السنوات الخمس الأخيرة وهذا ما أثر علي وعلى أعمالي الأخيرة التي تتضمن العديد من الألوان والخطوط وتعكس الإنزعاج مما آلت إليه حال بعض المدن ومن بينها لوحة "الياسمين المفقود" التي تتحدث عن سوريا التي تشتهر بالياسمين وتم تقديم هذه اللوحة مع دراسة كاملة للمجلس الوطني للفنون والآداب وحازت على جائزة الدولة التشجيعية وتم عرضها في المعرض مع مجموعة أخرى تتحدث عن لبنان ومصر.
هل أعمالك تنقل واقع هذه المدن؟
كلا، هي أعمال تجريدية بأسلوب معاصر تتضمن أحاسيس ومشاعر.
إلى أي مدرسة فنية تنتمين؟
في العصر الحديث لم يعد هناك من مدارس محددة، أسوة بالماضي، كالكلاسيكية والسريالية، بل باتت اليوم تتعلق بالإحساس والفكرة وبالنسبة لي تشتمل بعض لوحاتي على التجريد ولكن ليس بنسبة 100 في المئة.
يطغى التراث بشكل كبير على أعمالك، لماذا؟
تربطني علاقة قوية بالتراث والتاريخ وأعشق التراث الإسلامي، كالنقوش والقبب وتلك التي تحمل الروح الشرقية.
كم استغرق من وقت التحضير لهذا المعرض؟
قبل المعرض، عملت 8 أعمال شاركت بها في معرض بقطر وتم اقتناء بعضها وعندما رجعت أكملت المجموعة بأعمال أخرى ويشتمل المعرض على 42 عملاً عملت عليها لمدة 4 سنوات.
هل هذا هو المعرض الأول لك في الكويت؟
شاركت في معارض عدة مع المجلس الوطني للفنون والآداب وهذه المرة الأولى التي تعرض لوحاتي في جاليري ضمن معرض خاص لي وحدي.
تطغى الألوان الفرحة على أعمالك؟
يهمني اللون كثيراً وأملك في شخصيتي روح التفاؤل وأود أن أشير إلى أنه حتى لو دمرت مدننا العريقة، لانزال نملك روح التفاؤل والأمل والتغيير للأفضل. وكل الألوان بالنسبة لي جميلة ومعبرة وخصوصاً تلك التي يوجد تناسق فيما بينها.
أي الأوقات الأحب إليك للرسم والإبداع؟
أنا من النوع الذي يحب العمل في النهار، كون طاقتي تكون أفضل.
عادة الفنانون عندما يرسمون ينفصلون عن واقعهم، هل ينطبق هذا الأمر عليك؟
في البداية كنت كذلك ولكن عندما يبدأ العقل اللاواعي بالعمل ينضج الإبداع.
من أين تستمدين إلهامك وأفكارك؟
من الشرق وهي كلمة تعني لي الكثير ولطالما كانت هي أكبر مصدر إلهام لي في أغلب أعمالي الفنية، فالشرق بالنسبة لي يعني العراقة والأصالة والجمال وكذلك الغموض والسحر والإبداع.
تحمل أعمالك صورة منفردة لا تشبه إلا ذاتها، من أن يأتي هذا التفرد؟
يعود ذلك إلى أنني أرسم بحب ومن داخلي ولا أحب تقليد أحد وأرسم ما أشعر به، لذلك تجدين روحي طاغية في العمل، فضلاً عن أنني دقيقة جداً.
كيف ترين الحركة التشكيلية الكويتية بالنسبة للفنانات؟
هناك حركة شبابية فنية فاعلة وجيدة أتوقع لها مستقبلاً باهراً بسبب إتاحة الفرصة لهؤلاء الفنانين للإطلاع والتعلم حتى وهم موجودون في بيوتهم من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي، حيث بات بإمكانهم التعرف على أعمال الفنانين الآخرين وطريقة عملهم، سواء داخل أو خارج الكويت.
هل لديك اهتمامات أخرى بعيداً عن عالم الرسم؟
دراستي في الأصل بعيدة عن الفن وهي في مجال إدارة الأعمال وقد عملت في وظيفة استثمارية ولكن عندما بدأت مجال الرسم تخليت عن وظيفتي وافتتحت عملاً يختص بالفن والرسم وأعطي أحياناً دورات تدريبية في الرسم من خلال أكاديمية"أس بي للفنون" وكذلك نقوم باستضافة فنانين من خارج الكويت من البحرين وقطر والسودان ولبنان وذلك بهدف نشر ثقافة الفن في المجتمع.
هل في جعبتك من طموحات تودين تحقيقها؟
تقدر الدولة الفن، ولكن أتمنى أن يتم تقدير الفن بشكل أكبر ويلقى اهتماماً أكثر من قبل القطاع الخاص ويتم رعاية الفنانين وتشجيعهم.
هل لديك مشاركات أخرى في المستقبل القريب؟
لدي معرض في لشبونة بالبرتغال في شهر أبريل، فضلاً عن معرض آخر في دبي.
كيف عملت على صقل موهبتك؟
الفن هو محور حياتي وأنا في بحث مستمر. وقد شاركت في العديد من الدورات وورش العمل في الكويت ومن ثم بعدما كبر الطموح لديّ عملت دورات في إيطاليا وأميركا ولندن وألمانيا وأول معرض أقمته كان في عام 1990 بالمشاركة مع مجموعة فنانات.
هل هناك من فنان تأثرت بأعماله؟
في البدايات تأثرت بالفنانين الإنطباعيين كمونييه ورينوار وكنت أحرص على زيارة معارضهم للإطلاع على أعمالهم عن قرب.
دخلت التكنولوجيا على أعمال بعض الفنانين، هل تحبذين هذا الأمر؟
لا يوجد مانع لاسيما أن الدنيا في تطور والديجيتال آرت وغيرها من الأمور باتت جزءاً من الفن وغيرها من المجالات، فضلاً عن أن السوشيال ميديا باتت نافذتنا على المتلقي والمجتمع.