القاهرة - بريق الدانة - هايدى فاروق:
لا يوجد أبشع على وقع أذان الأم من أن ابنها لا يريد الذهاب للمدرسة, شكوى أصبحت متعددة هذه الأيام بعد اختفاء كثير من الأدوار أهمها دور المشرف الاجتماعي والذي هو من المفترض أن يكون مراقباً للطفل ويعرف أسباب الشكوى
شهيرة محمد أم لطفلين ولد في التاسعة من عمره في الصف الثالث الابتدائي وبنت في الحضانة تحكي تجربتها قائلة في العام الماضي وبعد بداية المدارس بعدة أسابيع كنت أعاني يومياً من مهمة إيقاظ ابني للمدرسة ففي البداية هو من كان يستيقظ بمفرده ويرتدي ملابسه دون مساعدة لكن بعد فترة وجدت أنه يرفض الاستيقاظ بل يتعلل بوجود ألم في معدته أو سعال وغيرها من الأساليب المكشوفة التي تدل على عدم نيته في الذهاب للمدرسة ..تكمل شهيرة... في البداية توقعت أن تكون المناهج الدراسية هي السبب وأنه يكره المذاكرة لكن بعد فترة لاحظت أنه يؤدي واجباته المدرسية بشكل جيد وعندما تحدثت معه اكتشفت أنه في فترة الراحة أو (الفسحة) لا يستطيع أن ينزل لفناء المدرسة ويشارك زملاءه في اللعب بسبب وجود مجموعة من الأطفال أكبر سناً منه يشبعونه ضرباً كلما رأوه في الفناء.. بل أنهم يأخذن منه نضارته الطبية ويلقونها بعيداً ويظل يبحث عنها بعد انتهاء الراحة فيتأخر ولا يصعد للفصل الدراسي مع أقرانه مما يعرضه للعقاب.
لعب عيال
شهيرة تشير إلى أنها عرفت هذه الحقيقة بعد عدة أسابيع لأن ابنها كان يجد حرجاً من إخبارها وعندما علمت توجهت للمدرسة وقدمت شكوتها لكنها تفاجأت بمديرة المدرسة تخبرها بأن ما يحدث بين الأطفال شقاوة عادية وأن الأطفال في هذا السن يميلون للعب العنيف وأن المشرفة الاجتماعية تراقب الأطفال ولايعدو العراك كونه عراكا ضعيفاً (لعب عيال).
وبعد عده أيام عاد ابنها من المدرسة يشكو من ورم في مؤخرة رأسه وتأكدت انه قد سقط إثر دفع أحد الأولاد له في الفسحة ولم يتدخل أحد من المشرفين أو المدرسين لمنع ذلك الأمر الذي جعلها تذهب مرة أخرى للمدرسة غاضبة حانقة لكي تهدد المديرة بأنها ستنقل ابنها من المدرسة إذا تكرر الأمر وتقدمت وقتها بتحرير محضر بالواقعة ضد المسؤولين في المدرسة.
شهيرة تضيف: للأسف تكرر الأمر مرة أخرى مع ابنتي الصغرى في( كجى ون) فسلمى ابنتي كانت سعيدة جداً جداً بالمدرسة والأطفال ثم بعد ذلك وجدتها ترفض الذهاب وعندما سألتها أكدت لي بأن هناك طفلة صغيرة اسمها همسة تصفعها في الفسحة وتأخذ منها طعامها وتلقيه في سلة المهملات.
علاقة صحية
شهيرة توضح أن المشكلة كلها تقع عل عاتق المدرسة فهي المسؤولة عن توفير جو صحي مناسب للدراسة وإيجاد علاقة صحية بين الطلبة وبين المدرسين فلا يحدث رعب أو ذعر يفقد الطالب فرحته بالدراسة والمدرسة وبداية مرحلة جديدة أيضاً يأتي مباشرة بعد ذلك دور الأسرة والتي أصبحت تشجع العنف ولا تعلم أولادها مكارم الأخلاق والتسامح فينشأ الطفل أنانياً عدوانياً يعتدي على حق الآخرين وسيأتي يوم يعتدي فيه على حق الأهل لأنه اعتاد على العنف والظلم .
بهاء آب لطفل في السادسة من عمره أكد أنه يواجه نفس المشاكل مع المدرسة ومع طفله وأنه يرفض أن يستخدم ابنه العنف ويفضل أن يلجأ الطفل للمشرفين لأنه لا يعقل أن يستخدم الطفل يده في المدرسة للدفاع عن نفسه فما هو الفرق بين دار العلم والشارع وقتها؟ موضحاً أن لغة العنف بين الأطفال أصبحت لغة عامة وسائدة نجدها في الشارع والنادي والمدرسة وبين الطلبة والمدرسين.
صفعة أم شكوى ؟
الدكتور قدري حفني أستاذ علم النفس سألته عن العنف الموجود لدى أطفالنا وما هي الوسيلة الصحيحة للتعامل معه وهل يجب على الطفل أن يرد الصفعة لمن أهانه أم يكتفي بالشكوى وقد أصبحت وسيلة الضعيف في مجتمعاتنا حاليا.. وما هي أهم الثغرات التي تحدث في التنشئة الاجتماعية خلال تربيتنا لأطفالنا؟
فقال: لدينا مشكله كبيرة فعندما نرى أطفالنا يمارسون العنف نفزع من فعلتهم وننسى أننا من علمناهم هذا بحكم أننا علمناهم أن العنف يولد الهيبة فكلما كنت عنيفا كنت في نظر الآخرين محترماً وعندما تشتكي تكون أنت الضعيف ومن يقول لابنه خذ حقك بيدك فعليه أن لا يفزع عندما يرى ابنه يأخذ حقه منه هو أيضاً بيديه.
بديل العنف هو الحوار فإذا تعرض الطفل للضرب عليه أن يسأل من ضربه لماذا ضربه ولابد أن ننمي عند الطفل فكرة التحالفات بأن يكون للطفل تحالف من أنصاره يشتكي لهم من بطش الطفل العنيف ويقول له ربنا يسامحك فنحن لم نعد نقولها.
ابعد عن الشر
سهام حسن أخصائي نفسي وتعديل سلوك واستشاري أسرى تقول: (اللي يضربك أضربه) كثير منا يسمع هذه الجملة من بعض الأمهات وهناك أمهات أخريات حائرات بين أجعل من طفلي شخصية عدوانية يرد العدوان بعدوان مماثل أم أجعل منه شخص سلبي ضعيف ويفقد مع الوقت ثقته بنفسه .
وهناك أطفال عزفت عن الذهاب إلى المدرسة بسبب تعرضها للعنف والضرب من زملاؤهم في نفس الأعمار أو الكبار عنهم في المراحل الأخرى.
ويظل هناك سؤال.. كيف نحمي أطفالنا من عنف الآخرين؟
يجب أن نعرف في بداية الأمر أن هناك أسباباً تدفع الأطفال لـأن يكونوا عدوانيين مع غيرهم فهؤلاء الأطفال يتعاملون بهذه الطريقة في المنزل وأن أفراد العائلة يعبرون عن غضبهم بالصراخ والسباب، فيعتاد الطفل ذلك ويتعامل بنفس الطريقة مع زملائه دون أن يرى أنه يضايقهم.
إن الطفل العدواني نتاج طبيعي لعلاقة أسرية غير السوية، وضحية لسوء معاملة من جانب الوالدين، وأنه دائم التعرض لعقاب بدني على أتفه الأسباب، كما إنه يعاني فقدان الحب والحنان من المقربين خاصة الأهل. إن الطفل العدواني هو"بلطجي" المستقبل.
فعندما يرى الطفل العدواني الطفل أمامه ضعيف من الناحية النفسية أو الجسمانية فيشعر بالقوة إذا أساء إليه فهو يقوم بعملية إسقاط لما يفعله مع والديه فيسقطه على زملائه أو أقاربه أو أخواته.
الأخصائي الاجتماعي
وليتم علاج هذه المشكلة يجب في البداية أن نعيد هيكلة الأخصائي والمعلم أيضاً لعلاج هذه المشكلة بدلاً من أن يكون دوره مهمشاً في تنظيم الرحلات ومشرف دور في المدرسة ليقوم ويعالج سلوك الأطفال ذوي السلوكيات السلبية وبعد ذلك ننصح الطفل أن يخبر الأخصائي أو يخبر ولي الأمر في المنزل عن وجود زميل له يضايقه، فيجب عليه ألا يواجه تلك المشكلة بمفرده .
انصح طفلك أن يتفادى الأماكن التي يتواجد فيها هذا الطفل العدواني لتخفيف حدة المشكلة على نفسه ولا يعتبر ذلك ضعفاً أو سلبية فالوقاية من اكتساب سلوك سيئ هي العلاج بعينه.
انصح طفلك ألا يظهر مشاعره أمام زميله الذي يضايقه كالبكاء أو إظهار الضيق والعصبية حتى لا يستفزه ليكرر رد الفعل محاولة منه إرضاء نفسه برؤية ضعفه.
يجب على طفلك ألا يقوم بتقليد الطفل العدواني ويفعل في النهاية مثلما يفعل الآخرون، فأحيانا قد يتصرف الطفل الذي تعرض للمضايقة بطريقة سيئة مع عائلته أو أصدقائه ووضح لطفلك أنه ليس سبب المشكلة وأن الطفل الآخر الذي يضايقه يريده أن يشعر بالسوء، وإذا لم ينجح في هذا سيتوقف عن تلك المضايقات.
إذا رأى طفلك أحد أصدقائه تتم مضايقته من قِبل طفل عدواني فعليه أن يسانده فبهذا الشكل سيرى الطفل المشاغب أن تصرفاته مرفوضة من الجميع بإخبار المدرسين أو الاخصائين.
ساعد طفلك على أن يكون واثقاً من نفسه، حتى لا يكون فريسة سهلة للطفل الذي يريد مضايقته وان لا يشترك مع الآخرين في مضايقة من هم أصغر منه عن طريق الضحك والسخرية من الآخرين.