يرى أن الدراما العربية لرمضان 2022 خنجر من قطن يذبحنا ببرودة أعصاب
جهاد أيوب : دراما 2022 مقحمة وغريبة عنا وليست منا وتهمش مجتمعها وتفتقد الذاكرة
- لا يوجد نص وتُكتب المشاهد بلحظتها وحسب الطلب
- ممثل لا يعرف ماذا يدور في عمله ونص غير مكتمل ومخرج تائه
- الجرأة أصبحت قلة أدب ومفعول به خارج البنية الدرامية
"بريق الدانة" – خاص:
قدم الناقد والأديب والكاتب الإعلامي المتميز جهاد أيوب قراءة شاملة عن واقع الدراما العربية هذا العام ووصفها بأنها خنجر من قطن يذبحنا ببرودة أعصاب وأنها غريبة عنا.. ليست منا .. تهمش مجتمعها وتفتقد الذاكرة، كما تطرق في حديثه مع "بريق الدانة" إلى موضوع الجرأة التي باتت عنواناً واضحاً في معظم الأعمال الدرامية العربية .. ولكن أي جرأة ..؟ يتساءل الأيوب ويجب: إنها قلت أدب ومفعول به خارج البنية الدرامية، ولم يقف مبضع الجراح النقدي جهاد أيوب عند هذا الحد بل قام بتشريح الدراما العربية نقداً ينتظره الجميع كل موسم درامي لصراحته واكاديميته ودقة توصيفه لكل مشهد تصويرياً كان أم نصاً مكتوباً أم غير ذلك مما له علاقة بالعمل الفني وجوانب إخراجه إلى شاشة المشاهد.
الأيوب بدأ حديثه بأن مشاكل الدراما في العرب كثيرة، ولم تعد دراما عربية بقدر ما هي مقحمة فيهم وعليهم، وليست منهم، ومع كل موسم نجدها غريبة عن محيطها! وأن عدد الأعمال العربية الدرامية الرمضانية لعام 2022 إلى أكثر من 125 عملاً رغم ظروفنا الاقتصادية المخيفة، ورغم عدم مشاركة بعض شركات الإنتاج الكبيرة في خوض السباق الموسمي المربح، وتوزعت "حسب ما استطعنا من عدها" على النحو التالي :
- أكثر من 45 عملاً خليجياً بينها 27 كويتياً، و 11 سعودياً، و 5 إماراتياً، و 1 من قطر، و1 من سلطنة عمان...وربما لم نتمكن من إحصاء غيرها!
- أكثر من39 عملاً مصرياً.
- أكثر من 27 عملاً سورياً.
- بالكاد 5 أعمال لبنانية، منها 2 مشترك.
- حوالي 8 أعمال عراقية.
- 2 فلسطيني...
الجرأة عندنا!
أما فيما يخص الجرأة فقد رأى الأيوب أن الجرأة في الأدب والدراما مطلوبة، ولكن علينا أن نعرف كيفية استخدامها، وفي هذا الموسم الدرامي ظهرت الجرأة العربية قليلة أدب، وقحة، فيها سذاجة الفعل والافتعال، وتقليد للمسلسل التركي بسذاجة الاغبياء، وتقليد لتصرف الفن الغربي مع الجرأة بكثير من فقدان الذاكرة! هنا علينا الإشارة إلى ما حدث خلال استخدامنا للجرأة، لنكتشف أن الجرأة لدينا مفعول بها قبل أن تصنع الفعل! جرأتنا في تقديم الجنس ليست جرأة بل من اسهل الامور حينما يقع العمل بمن حمل بالافلاس! الجرأة في أن تقدم الكلام النابي من اسهل ما يكون في الكتابة حينما يصاب الكاتب وفريق العمل بالفقر الأدبي والفني والعقلي!هذه الجرأة لا يمكنها أن تنتج عملاً درامياً، ولم تعد تمر على المشاهد الذي تنوعت اختياراته وثقافاته، ودراساته!
الجرأة في الدراما الغرببة إذا أردنا التقليد نجدها ضمن بنية درامية متينة، ومدروسة مع طبيعة الدور ومجتمعاتهم، هي متماسكة غير مزعجة وتشبههم، بينما في دراما العرب الجرأة التي ذكرتها تأتي من انعدام البناء الدرامي، ورغبة تصابي البطلة والبطل والمنتج الذي يعتقد أنه بذلك بجذب الشباب العربي.
الجرأة في دراما العرب تقريرية خادشة ووقحة، وفي كثير من الأحيان يدحشونها في المشهد دحشاً وليس اقحاماً فقط، وهي اشبه بمقالة في صحيفة رخيصة...الجرأة من دون بناء درامي تصبح وقاحة لا لزوم لها.
المجتمع وواقع الدراما العربية
وعن رؤيته حول المجتمع ومواضيع الدرامة العربية وما تجسده من واقع قال: المجتمع العربي هو هوامش في الدراما العربية التي تفتقد الذاكرة، وهو مهمش بكل مشاكله، وتضاد قضاياه، وحياته الغريبة العجيبة، ورزقه المفقود الذي يسعى إليه بكل الوسائل...كل هذا لم يحرك أي من القائمين على الدراما، لذلك هي لا تشبهنا، بل خنجر من قطن يذبحنا ببرودة أعصاب!
ونجد هذا العام تغييب الكوميديا النظيفة، واحتلال كوميديا التهريج المتصنع، وأحداث غير صالحة للكوميديا، وعمل تاريخي يتيم رصدت له ميزانية ضخمة لكن إشكالية المصادر، وعدم اتفاق العرب والمسلمين على تاريخهم تاه في الزحمة، وابتعد عنه المشاهد العربي الذي قرر أن يقاطع الكثير من الأعمال رغم تخمة الإنتاج العربي!
وأضاف: إن مواضيع دراما العرب الرمضانية تعتمد كما ذكرنا، وسنعاود التذكير، تعتمد اليوم على الانحلال، وخيانات، ودعارة، ونسف فكرة الزواج والاسرة، استسهال الخيانة بحجة حرية الشهوة، نقل أجواء البارات وغرف النوم المحرمة إلى فكر الجيل الشبابي ببساطة دون احترام الدين والمجتمع ومتانة الأسرة، والأخطر استسهال القتل دون رفة ضمير، وجمع الثروة دون تعب، والتعاطي مع كل المحرمات الربانية والأسرية والعائلية دون قيود الاخلاق، وإلغاء التربية المدنية دون تقديم الأسباب غير حب الشهوات، ومفهوم الحرية الشخصة، وعشق الذات ومن بعد حماري ما ينبت حشيش، وتهشيم كل اثاثيات بناء علاقات الحب العذري والطبيعي...في الدراما العربية الرمضانية الحالية لا حب ولا عشق ولا غرام ولا هيام لكون هذه الأمور تعتبر تخلف، ومن العصور الرجعية، والحب اصبح إرهاباً يوصل إلى القتل!
ولقد تمكنت الدراما العربية بأموال العرب، وبعقد نقص في تقليد افكار ما ينفذ في الغرب بتشويه وفجور، تمكنت من تقليص، وإنهاء مفاهيم شهر رمضان من كل الجوانب، وهذا ولد هجرة كبيرة من المتابع كما حصل هذا العام إلا من قبل الميسورين مادياً، لذلك وقعت الدراما لعام 2022 بهجرة قسم كبير من المشاهدين عنها.
موضة العصر
وفنياً كان له رأي آخر حيث يرى أن الدراما العربية الرمضانية بسرعة التنفيذ دون الأبعاد الفنية ما دام المنتج الأساسي وافق، ولا ريب إذا كتبت الفكرة خلال التصوير، وهذه موضة الدراما العربية في السنوات العشر الأخيرة، لا يوجد نص، بل حوارات تكتب وتنفذ في اللوكيشن، لذلك المواضيع الإرهابية الفاسدة تتكرر وتسرق إما من السينما الهوليودية بتشويه، أو من الدراما التركية شكلاً ومضموناً وخيانة وقتلاً بجهل وبفقر وبتعتير وبعباطة في السرقة والتنفيذ، وإما من خلال نشرة الأخبار اليومية...!!
ولا عجب إن وجدنا الممثل لا يعرف ماذا يدور في العمل، والنص غير مكتمل، وفي هكذا حال لا يتمكن المخرج من وضع الرؤية الإخراجية فيهرب إلى المشاهد المثيرة والجنس والتعري، وتكثيف الإضاءة والسينوغرافيا المسرحية حتى يضيع المشهد والممثل معاً، ويضيع بصر المشاهد!
والممثل هنا لا يتمكن من اكتشاف دوره، ولا يحفظه، بل يرتجل وبتصنع، ويذهب مع فريق العمل بأوردر إلى مكان التصوير، ليكتشف انهم غيروا كل النص الذي يرتجلون كتابته، والمغاير عن ما هو معه!
منذ سنوات قلنا، ونعاود الآن:" الفكرة هي الأساس، ومن ثم كتابتها، ومن ثم براعة السيناريو والحوار بعد أن تم الاتفاق على الخطوط الأساسية للعمل، ومن ثم يستلم المخرج ليقرأ، ويجلس مع المنتج ليتم اختيار الممثلين ومن منهم يليق بالدور ويتمكن من تجسيده بدراسة متأنية، ومن ثم المخرج وفريقه مع أراء بعض أصحاب الخبرة من النجوم ليتم التعديل بموافقة الكاتب، ومن ثم لا بد من بروفات الطاولة، وهذه أصبحت من الماضي مع إنها اساسية، وتخلق الاجواء المطلوبة بين فريق العمل"... موضة اليوم مجرد فكرة مسروقة، وكتابات اللحظة حسب رغبة البطل، وكتابات تحت الطلب، وكتابات رغبة وشهوة المنتج !